-A +A
فاطمة آل تيسان
لأننا نفتقد ثقافة التخطيط ونجهل استراتيجياته التي تنظم حياتنا وأعمالنا لذلك تبقى العشوائية سائدة في أغلب ما نقوم به، لذلك فأغلب المشاريع نعيد تنفيذها أكثر من مرة لتمر سنوات تعقبها أخرى ونحن نتراوح بين تجربة وفشل.
وهذا الأمر عامل محرض على ظهور الفساد بل هو حيل ناجعة للاستفادة من عطب المشاريع وسوء تنفيذها في إعادة التسوية أو التعديل بميزانيات جديدة على اعتبار أن شكل المشروع وآلية تنفيذه هي الأخرى تغيرت، ولا أدل من ذلك إلا تلك الشوارع التي يعاد حفرها ورصفها أكثر مرات ومرات وفي فترات قصيرة، وأيضا تلك المباني التي يقام بعضها في مواقع سيئة أو غير آمنة كما هي في مجاري الأودية أو على أطراف المدن في أماكن شبه خالية من السكان كحال المدارس ومراكز الرعاية الصحية ليتم التنبه لاحقا إلى سوء التقدير في اختيار المكان وعدم مناسبته لإقامة مبنى حكومي يفترض أن يخدم شريحة من المواطنين!

وعلى الرغم من أن حركة البناء والتطور في أي مجتمع تبعث على التفاؤل بأن واجهات المدن وأحياءها ستبدو أجمل إلا أنها لدينا محبطة جدا بل وباعثة على الكآبة، ويكفي أنك ستعلم أن هذا الطريق الذي تسلكه إلى عملك أو منزلك سيظل عثرات تعرقل مسيرك إلى أجل غير مسمى.
نحن دائما نؤمن بالحظوظ والفرص الخاطفة وكل ما هو على البركة ونشكك في ما أسسه علمية أو منهجية تتطلب مقدارا من الوعي والفهم، ولأن التخطيط يتطلب ذلك نتجاهل اعتماده أو اتخاذه كخارطة طريق يمكن أن تنقذنا من التوهان والمضي في طرق متعرجة تمتلئ بالعقبات.
في السنوات الأخيرة غزا مصطلح التخطيط فضاء الإعلام ووظفه البعض كتجارة مربحة لينضم على شكل دروس وبرامج تدريبية وبمبالغ خيالية، وعلى الرغم من شيوع المسمى في الوسط إلا أن التطبيق لم يتحقق فعليا لعدم الاستيعاب والوثوق بنجاح الرؤية المستقبلية المبنية على خطة ذات أهداف البعض منها قد تمتد إلى مراحل متعددة، لأننا تعودنا على التحصيل السريع حتى وإن كان معدل الجودة منخفض، المهم أن لا يطول بنا الانتظار!